د. مصطفى الفقى يكتب: القيصر يتحدى.. بوتين يصر على أن تكون بلاده ندًّا لأمريكا.. والأيام القادمة ستشهد تطورا غير مسبوق فى علاقات القوى العظمى

د. مصطفى الفقى 

عندما وصل ضابط الاستخبارات الشاب «بوتين» إلى موقع المسؤولية الأولى فى «روسيا الاتحادية»، تساءلنا جميعًا من يكون ذلك الرئيس الجديد الذى لا يتماشى مع الصورة النمطية لحكام الكرملين، فالرجل الجديد لا يمثل الشريحة العمرية لحكام «الاتحاد السوفيتى» السابق، أو «روسيا الاتحادية» فضلاً عن تاريخٍ غامض، شأن كل من عملوا وتميزوا فى الأجهزة الأمنية، وصعد القيصر الجديد إلى سدة الحكم، وأعاد ترتيب الأوضاع فى بلاده الواسعة التى تشترك فى حدودٍ جغرافية مع عدد كبير من الدول الآسيوية والأوروبية، فضلاً على الثراء الواضح فى الموارد الطبيعية والتراث الضخم لحكم القياصرة القدامى الذى جعل «الدب الروسى» دائمًا يسعى نحو المياه الدافئة.
إن «روسيا الاتحادية» كيان ضخم يملك جيشًا مقاتلاً عبر التاريخ، فضلاً على التميز فى تصنيع السلاح، حتى أصبحت تلك الدولة القوية ندًا معاصرًا «للولايات المتحدة الأمريكية»، وعندما بدأت أحداث الثورات «البرتقالية» فى «شِرق أوروبا»، بدأ «بوتين» حركة غير عادية فى «الكرملين» وتذكر الناس وقتها أيام «ربيع براغ» عندما دخلت المدرعات السوفيتية الشوارع «التشيكية» عام 1968، وها هى الظروف تتكرر وتتحرك الثورة ضد الرئيس الأوكرانى، فلا يتحمل «القيصر الجديد» المشهد المستفز على حدوده المباشرة، ويبدأ فى احتلال المطارات المشتركة ويوجه إنذارًا عمليًا «للولايات المتحدة الأمريكية» والقوى الداعمة للثوار، إننا أمام تطور خطير فى العلاقات الدولية المعاصرة، يعيد شيئًا من أجواء الحرب الباردة، ويذكرنا بالإنذار الروسى أثناء العدوان الثلاثى على «مصر» عام 1956 ويؤكد لنا من جديد أن «القيصر» يتحرك بل ويتحدى.